من الذي يقود هذه الحرب؟
من الذي يقود هذه الحرب؟
على مر التاريخ، رأينا كيف تنهار إمبراطوريات ودول عظمى بعد وفاة قادتها، خاصة حين يكون بين الزعيم وأتباعه رابط روحي قوي، يعزز المعنويات ويشد النظام كعمود فقري لا يتزعزع. ومع غياب هذا القائد، تتصدع الصفوف، وتبرز الخلافات، ويبدأ العد التنازلي لانهيار الدولة. أمثلة هذا المشهد تتكرر في صفحات التاريخ:
1- الاتحاد السوفيتي: بعد وفاة جوزيف ستالين عام 1953، لم ينهر السوفييت مباشرة، لكنه بدأ بالتآكل تدريجياً حتى تفكك تماماً في 1991.
2- يوغسلافيا: بوفاة جوزيف بروز تيتو في 1980، بدأت شرارة الانقسامات القومية والعرقية، التي تحولت إلى حروب دموية انتهت بانهيار يوغسلافيا وتفككها إلى دول صغيرة خلال التسعينيات.
3- إمبراطورية المغول: بعد وفاة جنكيز خان في 1227، ورغم استمرار توسع الإمبراطورية لبعض الوقت، إلا أن الصراعات الداخلية بين ورثته مزقتها إلى خانات متفرقة، ففقدت قوتها وبدأت في التراجع.
القصة ذاتها تتكرر في حضارات أخرى: الإمبراطورية الإسبانية بعد وفاة فيليب الثاني، النمساوية-المجرية بعد رحيل الإمبراطور فرانز جوزيف، والعثمانية بعد وفاة عبد الحميد الثاني… كلها أمثلة على كيف يقود غياب القائد إلى الانهيار.
وكان العدو يظن أن السيناريو ذاته سيتكرر مع حزب الله، فقد تصور الكثيرون أن الحزب سيفقد تماسكه بعد استشهاد كبار قادته العسكريين، وتوقعوا أن ضربة النهاية ستأتي حين يُقتل أمينه العام الذي قاد الحزب لاثنين وثلاثين عاماً، وألهم جيلاً كاملاً من المجاهدين. جاءت هذه التوقعات في وقت حرج، بينما الحرب مشتعلة، ومع كل استشهاد جديد، كان يبدو وكأن انهيار الحزب بات قاب قوسين أو أدنى. استشهد كبار القادة، مثل فؤاد شكر وإبراهيم عقيل، ثم جاء استشهاد الأمين العام، وأعقبه اختفاء نائبه هاشم صفي الدين، الذي كان يتوقع أن يكون الخليفة. ومع هذا الوضع، أصبح الجميع، حتى العدو، يتوقع أن الحزب سيتحطم، وسيكون القضاء على ما تبقى منه مجرد مسألة وقت.
لكنهم أخطأوا في حساباتهم. غفل الأعداء، وغفل المراقبون، عن الحقيقة الكبرى: القائد الحقيقي لهذه المعركة لم يغادر الساحة. نعم، القائد الأعلى، الإمام المهدي (عليه السلام)، حاضر، يقود هذه الجيوش المؤمنة، سواء أدركوا ذلك أم لا، لو كان الأمر متروكاً للحسابات البشرية فقط، لكان الحزب قد انهار مع استشهاد قادته.
لكن بفضل الرعاية الإلهية والإمام المهدي، بقي الحزب شامخاً، متماسكاً، أقوى مما كان.
ومع مرور أسبوعين على الغزو البري، لم يستطع العدو التقدم خطوة واحدة! العدو يتجرع الهزيمة كل يوم على يد رجال حزب الله. بل وعلى الرغم من استشهاد مسؤولي القوات الصاروخية، تطورت قدرات الحزب الهجومية بشكل مبهر، فأصبحت ضرباته أكثر دقة وأشد تأثيراً، لتطال أهدافاً أعمق داخل الكيان الغاصب.
كيف لا ندرك أن القوة الحقيقية التي تدير هذه الحرب هي لطف الإمام المهدي ومشاركته؟ من لا يستشعر حضوره في قلب المعركة، فهو أعمى البصيرة!
احسنتم بارك الله بجودكم